حرص نساء الوطن العربى بشكل عام وفى الخليج بشكل خاص على زيارة المشاغل النسائية وذلك لتصميم فساتين وازياء حيث أن تلك المشاغل تعد عالما صغيرا يجمع مختلف النساء وعادة تحدث هناك صداقات وتبدا النساء فى إفشاء أسرارهن عبر الثرثرة مع العاملات على إعتبار أنهن الأكثر ثقة ، فمن أين تأتى تلك الثقة ولماذا تقوم تلك السيدات بكشف أسرارهن الزوجية بهذه السهولة على الرغم من أن أغلب العاملات فى تلك الأماكن غير قادرات على كتم تلك الأسرار
ترجع أسباب تلك الثرثرة الى طابع النساء أولا ثم إلى أن العديد من السيدات يقضين وقتا طويلا في المشاغل النسائية مع الخياطات، وبالتالى يشعرن بالملل ويتخذن العاملات هناك أصدقاء لهن وحافظات لأسرارهن ويبدأن في تجاذب أطراف الحديث ومع تكرار الزيارات تصبح العاملة صديقة مقربة للزائرات وتبدأ العاملة فى سرد قصص الزائرة لغيرها من المترددات على المشغل وبالتالى يصبح السر مادة خصبة للحديث بين العاملات وبعضهن وبين العاملات والزائرات
ويرى استشاري الطب النفسي الدكتور علي زائري بمركز النخيل الطبي في جدة " لجريدة الوطن" أن السيدات اللاتي يترددن على المشاغل النسائية قد تكون شخصياتهن واحدة من اثنتين الأولى نسميها النوع (الداخلي أو انتروفيرت) وهذه السيدة لا تحب مشاركة عالمها الخاص مع الآخرين وتحب أن تحتفظ بجزء كبير من أسرارها وأفكارها لنفسها وإذا كان لديها أي نوع من المشاكل فهي تفضل أن تفكر بالموضوع بصمت
أما النوع الثاني من السيدات فيسمى (الخارجي أو الأكستروفيرت) وهذه السيدة اجتماعية وتحب مشاركة الأخريات في جزء كبير من حياتها وتحب التحدث عن أغلب الأشياء في وجود بقية السيدات وتجد متعة في ذلك
وأكد الزائري أن الوسطية من الأمور المطلوبة بمعنى عدم التحدث عن أي شيء نهائيا عن النفس والمشاعر والأحلام أو الطموحات أو بعض الأسرار الزوجية فقد يشعر الآخرون بغموض الشخص وغرابته وقد يكون الانطباع عنه غير جيد. ومع الوقت قد لا تجد مثل هذه السيدة أي نوع من العلاقات الاجتماعية بسبب عدم التواصل الاجتماعي وقد يتم إقصاؤها عن الدعوات والاجتماعات بسبب ضعف تواصلها مع الآخرين
ويقول الزائري هناك صورة أخرى للسيدات وهي من تلجأ إلى الإفصاح الكامل أو شبه الكامل عن كل شيء يخصها أو لا يخصها فهي تفكر بصوت مرتفع وتتحدث طوال الوقت؛ ولا يوجد لديها سر تقريبا وتناقش المواضيع الخاصة بطلاقة مثل مناقشتها للمواضيع العامة وهذه الشخصية أيضا قد تترك انطباعا مملا لدى الأخريات. ومع الوقت قد لا توجد لديها مواضيع جديدة ففي النهاية كل السيدات يعرفن أنها ليست سعيدة بعلاقتها الزوجية على سبيل المثال أو لديها العديد من المشاكل مع أطفالها وأسرتها. وأشار إلى أن كل سيدة لها دوافعها الخاصة الخفية في التحدث عن أسرارها فمنهن من تشعر بالثقة العمياء في كل من يتحدث إليها وتظن أن الحديث ينتهي عند انتهائها من الكلام ولا تظن أن أسرارها سوف تصبح معروفة للجميع. بينما هي كانت تبحث عن التنفيس في الكلام وتشارك مشاكلها الآخرين بحثا عن كلمة تعاطف أو مواساة من الأخريات فيما لو كانت تمر بمعاناة. وقد تبحث المرأة بحديثها عن الشعور بالزهو والتميز أمام الأخريات
وأضاف: أن تقييم السيدة للوضع الاجتماعي يتمثل في ذكائها أو نضوجها وهو الذي يحدد الحدود التي تصل إليها في الحديث عن نفسها. وشدد الزائري على أن الاعتدال في البوح هو ما ينصح به بعض العلماء في علم النفس فالصمت المطلق قد يجعل السيدة في عالم منعزل وقد لا تستفيد من خبرة السيدات الأكثر خبرة منها في العلاقات الزوجية والمشاكل العائلية والعملية. أما الانفتاح الكامل فهو غير محبب لأنه يجعل السيدة عرضة لخسارة علاقتها الزوجية فربما يتصادف وجود سيدات على قرابة أو معرفة بزوجها ويقمن بنقل حديثها لزوجها أو أحد أفراد أسرته وهذا يعرضها للمشاكل والانتقاد وربما يتسبب في حدوث الطلاق
وتابع: قد تكون مشاركة الأسرار أحيانا نوعا من إعطاء الثقة بين بعضهن البعض فكل واحدة تعرف أسرار الأخرى وبالتالي تشعر بالطمأنينة وأنه لن يتم إخبار أحد بأسرارها. والحقيقة أنه لا توجد ضمانات لدى السيدات اللاتي يتحدثن عن أسرارهن الزوجية فقد تنقلب صديقة اليوم إلى عدوة في الغد ويصبح من السهل الإساءة وتشويه السمعة
لثرثرة المرأة .. أسباب
ورد في إحدى نشرات صحفية ديلي تلغراف"ان لدى المرأة هرمونا أطلق عليه اسم "أوكسيتوسين" ووصفه العلماء بأنه هرمون "ضبط المزاج" ، وهو الذي يدفع المرأة إلى التحدث مع الأهل والصديقات والجارات وغيرهن للتخلص من الضغوط دون الانسحاب للصمت او الاندفاع إلى العدوان ، كما يفعل الرجال ، وهو ما يجعل المرأة أقل عرضة للوقوع فريسة للإدمان او الاضطرابات العصبية
كذلك ذكر أستاذ علم النفس جعفر الشوملي إن الثرثرة الزائدة عند المرأة عائدة إلى هرمون الأستروجين الذي يؤثر مباشرة على الخلايا العصبية ، والذي بدوره يؤدي إلى مزيد من الكلام والتواصل وزاد:"النساء يتحدثن بشكل أسرع من الرجال بينما الرجال يأخذون فترة أكبر من الزمن للتحدث بنفس الجمل ، وبهذا قد تتعدى كلمات المرأة عدد كلمات الرجل واعتقد أن هذا أحد الأسباب لكثرة كلامها ، كما ان ذاكرتهن قوية في كثير من الأمور وهذا الأمر من العوامل التي تساعد على تحفيز المرأة للكلام بشكل مستمر"
وأضاف الشوملي أنه في حال استضافة أحد المرضى في عيادته فإنه يكتفي ذلك المريض بالتحدث عن حالته وأعراضها ولكن عندما تأتي إليه مريضة فإنها تستمر بالتحدث نصف ساعة عن حالتها دون أن أسألها وتابع : "هذه صفة غالبة على معظم المريضات اللواتي يراجعنني في العيادة"
ولكن فى النهاية نتفق أن الثرثرة الزائدة امر غير مستحب ، فيجب عليكِ أن تميزى بين الأحاديث العامة خارج البيت وافشاء الأسرار الزوجية ، لأنه ليس هناك أى مبرر قوى يدفعك لفعل ذلك وخاصة فى مثل تلك الأماكن العامة كالمشاغل وغيرها