kemo elmasry
عضو نشيط
عدد المساهمات : 79 الـــتـــقـــيـــيـــم : 0 تاريخ الميلاد : 18/06/1994 تاريخ التسجيل : 20/11/2010 العمر : 30 الموقع : EGYBOYS العمل/الترفيه : EGYBOYS المزاج : تمااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااام
| موضوع: انجيا برنابا من 91 إلى 110 2010-12-13, 15:48 | |
| الفصل الحادي والتسعون وحدث في هذا الزمن اضطراب عظيم في اليهودية كلها لأجل يسوع، لأني الجنود الرومانية أثارت بعمل الشيطان العبرانيين قائلين: ان يسوع هو الله قد جاء ليفتقدهم، فحدثت بسبب ذلك فتنة كبرى حتى ان اليهودية كلها تدججت بالسلاح مدة الاربعين يوما فقام الابن على الاب والاخ على الاخ، لأني فريقا قال: ( ان يسوع هو الله قد جاء الى العالم)، وقال فريق آخر: (كلا بل هو ابن الله) وقال آخرون: ( كلا لأنه ليس لله شبه بشري) ولذلك لا يلد بل ان يسوع الناصري نبي الله، وقد نشأ هذا عن الآيات العظيمة التي فعلها يسوع، فترتب على رئيس الكهنة تسكينا للشعب أن يركب في مركب لابسا ثيابه الكهنوتية واسم الله القدوس التتغراماتن على جبهته، وركب كذلك الحاكم بيلاطس وهيرودس، فاجتمع في مزبه على أثر ذلك ثلاثة جيوش كل منها مئتا ألف رجل متقلدي السيوف، فكلمهم هيرودس أما هم فلم يسكنوا، ثم تكلم الحاكم ورئيس الكهنة قائلين : أيها الاخوة إن هذه الفتنة إنما قد أثارها عمل الشيطان لأني يسوع حي واليه يجب أن نذهب ونسأله أن يقدم شهادة عن نفسه وأن نؤمن به بحسب كلمته، فسكن لهذا ثائرتهم كلهم ونزعوا سلاحهم وتعانقوا قائلا بعضهم لبعض ((اغفر أيها الأخ ))، فعقد في ذلك اليوم كل واحد النية أن يؤمن بيسوع بحسب ما سيقول، وقدم الحاكم ورئيس الكهنة جوائز كبرى لمن يأتي ويخبرهم أين يسوع. الفصل الثاني والتسعون ففي هذا الزمن ذهبنا ويسوع الى جبل سينا عملا بكلمة الملاك الطاهر، وحفظ هناك يسوع الاربعين يوما مع تلاميذه، فلما انقضت اقترب يسوع من نهر الاردن ليذهب الى اورشليم، فرآه آحد الذين يؤمنون بأن يسوع هو الله فصرخ من ثم بأعظم سروره: ( إن إلهنا آت ) ، ولما بلغ المدينة أثارها كلها قائلا: ( إن إلهنا آت يا اورشليم تهيأي لقبوله ) وشهد أنه رأى يسوع على مقربة من الاردن، فخرج من المدينة كل أحد الصغير والكبير ليروا يسوع، حتى أصبحت المدينة خالية لأني النساء حملن أطفالهن على اذرعهن ونسين أن يأخذن معهن زادا للأكل، فلما علم بهذا الحاكم ورئيس الكهنة خرجا راكبين وارسلا رسول الى هيرودس، فخرج هو أيضا راكبا ليرى يسوع تسكينا لفتنة الشعب، فنشدوه يومين في البرية على مقربة من الاردن، وفي اليوم الثالث وجدوه وقت الظهيرة اذ كان يتطهر هو وتلاميذه للصلاة حسب كتاب موسى، فانذهل يسوع لما رأى الجم الغفير الذي غطى الأرض بالقوم، وقال لتلاميذه: لعل الشيطان احدث فتنة في اليهودية، لينزع الله من الشيطان السيطرة التي له على الخطاة، ولما قال هذا اقترب الجمهور، فلما عرفوه أخذوا يصرخون: (( مرحبا بك يا إلهنا)) وأخذوا يسجدون له كما يسجدون لله، فتنفس يسوع الصعداء وقال: انصرفوا عني أيها المجانين لأني أخشى أن تفتح الأرض فاها وتبتلعني ـ واياكم لكلامكم الممقوت، لذلك ارتاع الشعب وطفقوا يبكون. الفصل الثالث والتسعون حينئذ رفع يسوع يده ايماءا للصمت، وقال: انكم لقد ضللتم ضلالا عظيما أيها الاسرائيليون لأنكم دعوتموني إلهكم وأنا إنسان، وإني أخشى لهذا أن ينزل الله بالمدينة المقدسة وباءا شديدا مسلما اياها لاستعباد الغرباء، لعن الشيطان الذي أغراكم بهذا ألف لعنة، و لما قال يسوع هذا صفع وجهه بكلتا كفِّيه، فحدث على أثر ذلك نحيب شديد حتى لم يسمع أحد ما قال يسوع، فرفع من ثم يده مرة اخرى ايماءا للصمت، ولما هدأ نحيب القوم تكلم مرة اخرى: أشهد أمام السماء وأشهد كل شيء على الأرض اني بريء من كل ما قد قلتم، لأني إنسان مولود من امرأة فانية بشرية وعرضة لحكم الله مكابد شقاء الاكل والمنام وشقاء البرد والحر كسائر البشر، لذلك متى جاء الله ليدين يكون كلامي كحسام يخترق كل من يؤمن بأني أعظم من إنسان، ولما قال يسوع هذا رأى كوكبة من الفرسان فعلم من ثم ان الوالي مع هيرودس ورئيس الكهنة كانوا قادمين، فقال يسوع: لعلهم هم قد صارواـ مجانين أيضا، فلما وصل الوالي مع هيرودس ورئيس الكهنة الى هناك ترجلوا جميعا، وأحاطوا بيسوع حتى ان الجنود لم يتمكنوا من دفع الجمهور الذين كانوا يودون أن يسمعوا يسوع يكلم الكاهن، فاقترب يسوع من الكاهن باحترام ولكن هذا كان يريد أن يسجد ليسوع، فصرخ يسوع: حذار ما أنت فاعل يا كاهن الله الحي لا تخطئ الى الله، أجاب الكاهن: ان اليهودية اضطربت لآياتك وتعليمك حتى انهم يجاهرون بأنك أنت الله فاضطررت بسبب الشعب الى أن آتي الى هنا مع الوالي الروماني والملك هيرودس، فنرجوك من كل قلبنا أن ترضى بازالة الفتنة التي ثارت بسببك، لأني فريقا يقول انك الله وآخر انك ابن الله ويقول فريق انك نبي، أجاب يسوع: وأنت يا رئيس كهنة الله لماذا لم تخمد الفتنة؟ ، هل جننت أنت أيضا؟، هل أمست النبوات وشريعة الله نسيا منسيا أيتها اليهودية الشقية التي ضللها الشيطان؟ الفصل الرابع والتسعون ولما قال يسوع هذا عاد فقال: اني أشهد أمام السماء وأشهد كل ساكن على الأرض اني بريء من كل ما قال الناس عني من اني أعظم من بشر، لأني بشر مولود من امرأة وعرضة لحكم الله أعيش كسائر البشر عرضة للشقاء العام، لعمر الله الذي تقف نفسي بحضرته انك أيها الكاهن قد أخطأت خطيئة عظيمة بالقول الذي قلته، ليلطف الله بهذه المدينة المقدسة حتى لا تحل بها نقمة عظيمة لهذه الخطيئة، فقال حينئذ الكاهن: ليغفر لأني الله أما أنت فصل لأجلنا، ثم قال الوالى وهيرودس: يا سيد انه لمن المحال أن يفعل بشر ما أنت تفعله فلذلك لا نفقه ما تقول، أجاب يسوع: ان ما تقوله لصدق ان الله يفعل صلاحا بالإنسان كما ان الشيطان يفعل شرا، لأني الإنسان بمثابة حانوت من يدخله برضاه يشتغل ويبيع فيه، ولكن قل لي أيها الوالي وأنت أيها الملك انتما تقولان هذا لأنكما أجنبيان عن شريعتنا لأنكما لو قرأتما العهد وميثاق إلهنا لرأيتما ان موسى حول بعصاه البحر دما، الغبار براغيث، والندى زوبعة، والنور ظلاما، أرسل الضفادع والجرذان على مصر فغطت الأرض، وقتل الابكار وشق البحر وأغرق فيه فرعون، ولم أفعل شيئا من هذه، وكل يعترف بأن موسى إنما هو الآن رجل ميت ، أوقف يشوع الشمس وشق الأردن وهما ما لم أفعله حتى الآن ، وكل يعترف بأن يشوع إنما هو الآن رجل ميت ، وأنزل إيليا النار من السماء عيانا وأنزل المطر وهما مما لم أفعله، وكل يعترف بأن إيليا إنما هو بشر، كثيرون آخرون من الأنبياء والأطهار وأخلاء الله فعلوا بقوة الله أشياء لا تبلغ كنهها عقول الذين لا يعرفون إلهنا القدير الرحيم المبارك إلى الأبد . الفصل الخامس والتسعون وعليه فان الوالي والكاهن والملك توسلوا الى يسوع أن يرتقي مكانا مرتفعا ويكلم الشعب تسكينا لهم، حينئذ ارتقى يسوع أحد الحجارة الاثنى عشر التي أمر يشوع الاثني عشر سبطا أن يأخذوها من وسط الاردن عندما عبر اسرائيل من هناك دون ان تبتل احذيتهم، وقال بصوت عال: ليصعد كاهننا الى محل مرتفع حيث يتمكن من تحقيق كلامي، فصعد من ثم الكاهن الى هناك، فقال له يسوع بوضوح يتمكن كل واحد من سماعه: قد كتب في عهد الله الحي وميثاقه أن ليس لإلهنا بداية ولا يكون له نهاية ، أجاب الكاهن : لقد كتب هكذا هناك، فقال يسوع: انه كتب هناك أن إلهنا قد برأ كل شيء بكلمته فقط، فأجاب الكاهن: انه لكذلك، فقال يسوع: انه مكتوب هناك أن الله لا يرى وانه محجوب عن عقل الإنسان لأنه غير متجسد وغير مركب وغير متغير، فقال الكاهن: انه لكذلك حقا، فقال يسوع: انه مكتوب هناك كيف أن سماء السموات لا تسعه لأني إلهنا غير محدود ، فقال الكاهن : هكذا قال سليمان النبي يا يسوع، قال يسوع: إنه مكتوب هناك أن ليس لله حاجة لأنه لا يأكل ولا ينام ولا يعتريه نقص ، قال الكاهن : إنه لكذلك . قال يسوع : إنه مكتوب هناك إن إلهنا في كل مكان وإن لا إله سواه الذي يضرب ويشفي ويفعل كل ما يريد، قال الكاهن: هكذا كتب، حينئذ رفع يسوع يديه وقال: أيها الرب إلهنا هذا هو إيماني الذي آتي به إلى دينونتك شاهدا على كل من يؤمن بخلاف ذلك، ثم التفت الى الشعب وقال: توبوا لانكم تعرفون خطيئتكم من كل ما قال الكاهن انه مكتوب في سفر موسى عهد الله الى الابد، فاني بشر منظور وكتلة من طين تمشي على الأرض وفان كسائر البشر، وانه كان لي بداية وسيكون لي نهاية واني لا أقدر أن ابتدع خلق ذبابة، حينئذ رفع الشعب أصواتهم باكين وقالوا: لقد أخطأنا اليك أيها الرب إلهنا فارحمنا، وتضرع كل منهم الى يسوع ليصلي لأجل أمن المدينة المقدسة لكيلا يدفعها الله في غضبه لتدوسها الامم، فرفع يسوع يديه وصلى لاجل المدينة المقدسة ولاجل شعب الله وكل يصرخ: ليكن كذلك آمين. الفصل السادس والتسعون ولما انتهت الصلاة قال الكاهن بصوت عال: قف يا يسوع لأنه يجب علينا أن نعرف من أنت تسكينا لامتنا، أجاب يسوع: أنا يسوع بن مريم من نسل داود بشر سيموت ويخاف الله وأطلب أن لا يعطى الاكرام والمجد الا الله، أجاب الكاهن: انه مكتوب في كتاب موسى أن إلهنا سيرسل لأني مسيا الذي سيأتي ليخبرنا بما يريد الله وسيأتي للعالم برحمة الله، لذلك أرجوك أن تقول لأني الحق هل أنت مسيا الله الذي ننتظره؟، أجاب يسوع: حقا ان الله وعد هكذا ولكني لست هو لأنه خلق قبلي وسيأتي بعدي، أجاب الكاهن: اننا نعتقد من كلامك وآياتك على كل حال انك نبي وقدوس الله، لذلك أرجوك باسم اليهودية كلها واسرائيل أن تفيدنا حبا في الله بأية كيفية سيأتي مسيا، أجاب يسوع: لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي اني لست مسيا الذي تنتظره كل قبائل الأرض كما وعد الله أبانا ابراهيم قائلا: ((بنسلك أبارك كل قبائل الأرض))، ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشيطان مرة أخرى هذه الفتنة الملعونة بأن يحمل عادم التقوى على الاعتقاد بأني الله وابن الله، فيتنجس بسبب هذا كلامي وتعليمي حتى لا يكاد يبقى ثلاثون مؤمنا، حينئذ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الاشياء لاجله، الذي سيأتي من الجنوب بقوة وسيبيد الاصنام وعبدة الاصنام، وسينتزع من الشيطان سلطته على البشر، وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به، وسيكون من يؤمن بكلامه مباركا. الفصل السابع والتسعون ومع أني لست مستحقا أن أحل سير حذائه قد نلت نعمة ورحمة من الله لأراه ، فأجاب حينئذ الكاهن مع الوالي والملك قائلين : لا تزعج نفسك يا يسوع قدوس الله لأني هذه الفتنة لا تحدث في زمننا مرة أخرى، لأني سنكتب الى مجلس الشيوخ الروماني المقدس باصدار أمر ملكي أن لا أحد يدعوك فيما بعد الله أو ابن الله، فقال حينئذ يسوع: ان كلامكم لا يعزيني لأنه يأتي ظلام حيث ترجون النور، ولكن تعزيتي هي في مجيء الرسول الذي سيبيد كل رأي كاذب في وسيمتد دينه ويعم العالم بأسره لأنه هكذا وعد الله أبانا ابراهيم، وان ما يعزيني هو أن لا نهاية لدينه لأني الله سيحفظه صحيحا، أجاب الكاهن: أيأتي رسل آخرون بعد مجيء رسول الله؟ فأجاب يسوع: لا يأتي بعده أنبياء صادقون مرسلون من الله، ولكن يأتي عدد غفير من الانبياء الكذبة وهو ما يحزنني، لأني الشيطان سيثيرهم بحكم الله العادل فيتسترون بدعوى انجيلي، أجاب هيرودس: كيف أن مجيء هؤلاء الكافرين يكون بحكم الله العادل؟، أجاب يسوع: من العدل أن من لا يؤمن بالحق لخلاصه يؤمن بالكذب للعنته لذلك أقول لكم أن العالم كان يمتهن الانبياء الصادقين دائما وأحب الكاذبين كما يشاهد في أيام ميشع وأرميا لأني الشبيه يحب شبيهه، فقال حينئذ الكاهن: ماذا يسمى مسيا وما هي العلامة التي تعلن مجيئه؟، أجاب يسوع: ان اسم مسيا عجيب لأني الله نفسه سماه لما خلق نفسه ووضعها في بهاء سماوي، قال الله((اصبر يا محمد لأني لاجلك أريد أن أخلق الجنة والعالم وجما غفيرا من الخلائق التي أهبها لك حتى أن من يباركك يكون مباركا ومن يلعنك يكون ملعونا، ومتى أرسلتك الى العالم أجعلك رسولى للخلاص وتكون كلمتك صادقة حتى أن السماء والأرض تهنان ولكن ايمانك لا يهن أبدا))، ان اسمه المبارك محمد، حينئذ رفع الجمهور أصواتهم قائلين: يا الله أرسل لأني رسولك يا محمد تعال سريعا لخلاص العالم. الفصل الثامن والتسعون ولما قال هذا انصرف الجمهور مع الكاهن والوالي مع هيرودس و((هم)) يتحاجون في يسوع وتعليمه، لذلك رغب الكاهن الى الوالي أن يكتب بالامر كله الى رومية الى مجلس الشيوخ ففعل الوالي كذلك، لذلك تحنن مجلس الشيوخ على اسرائيل وأصدر أمرا أنه ينهى ويتوعد بالموت كل أحد يدعو يسوع الناصري نبي اليهود إلها أو ابن الله، فعلق هذا الأمر في الهيكل منقوشا على النحاس، وبعد أن انصرف الفريق الاكبر من الجمع بقي نحو خمسة آلاف رجل خلا النساء والاطفال، لم يتمكنوا من الانصراف كالآخرين لأني السفر أعياهم ولانهم لبثوا يومين بدون خبز اذ كانوا لشدة تشوقهم لرؤية يسوع نسوا أن يحضروا معهم شيئا منه فكانوا يقتاتون بالعشب الاخضر، فلما رأى يسوع هذا أخذته الشفقة عليهم وقال لفيلبس: أين نجد خبزا لهم لكيلا يهلكون من الجوع؟، أجاب فيلبس: يا سيدي ان مئتي قطعة من الذهب لا تكفي لشراء ما يتبلغون به من الخبز، حينئذ قال اندراوس: هنا غلام معه خمس أرغفة وسمكتان ولكن ما عسى أن تكون بين هذا العدد الجم ؟، أجاب يسوع: أجلس الجمع، فجلسوا على العشب خمسين خمسين وأربعين أربعين، حينئذ قال يسوع: باسم الله، وأخذ الخبز وصلى لله ثم كسر الخبز وأعطاه للتلاميذ والتلاميذ أعطوه للجمع، وفعلوا كذلك بالسمكتين، فأكلوا كلهم وشبعوا، حينئذ قال يسوع: اجمعوا الباقي، فجمع التلاميذ تلك الكسر فملأت اثنتي عشر قفة، حينئذ وضع كل أحد يده على عينيه قائلا: أمستيقظ أنا أم حالم؟، ولبثوا جميعهم مدة ساعة كأنهم مجانين بسبب الآية العظمى، ثم بعد ان شكر يسوع لله صرفهم، الا اثنين وسبعين رجلا لم يشاءوا أن يتركوه، فلما رأى يسوع ايمانهم اختارهم تلاميذ. الفصل التاسع والتسعون ولما خلا يسوع بكهف في البرية في تيرو على مقربة من الاردن دعا الاثنين والسبعين مع الاثني عشر، وبعد أن جلس على حجر أجلسهم بجانبه وفتح فاه متنفسا الصعداء وقال: لقد رأينا اليوم اثما عظيما في اليهودية وفي اسرائيل وهو اثم يخفق له قلبي في صدري من خشية الله، الحق أقول لكم أن الله غيور على كرامته ويحب اسرائيل كعاشق، وانتم تعلمون أنه متى كلف شاب بامرأة لا تحبه بل تحب آخر ثار حنقه وقتل نده، اني أقول لكم هكذا يفعل الله، لأنه عندما أحب اسرائيل شيئا بسببه نسي الله أبطل الله ذلك الشيء، أي شيء أحب الى الله هنا على الأرض من الكهنوت والهيكل المقدس؟، ومع هذا لما نسي الشعب الله في زمن أرميا النبي وفاخروا بالهيكل فقط اذ لم يكن له نظير في العالم كله أثار الله غضبه بواسطة نبوخذ نصر ملك بابل ومكَّنه وجيشه من المدينة المقدسة فأحرقها وأحرق الهيكل المقدس، حتى أن الاشياء المقدسة التي كان أنبياء الله يرتجفون من مسها ديست تحت أقدام الكفار المملوئين اثما، وأحب ابراهيم ابنه إسماعيل أكثر قليلا مما ينبغي لذلك أمر الله ابراهيم أن يذبح ابنه ليقتل المحبة الاثيمة في قلبه وهو أمر كان فعله لو قطعت المدية، وأحب داود ابشالوم حبا شديدا لذلك سمح الله أن يثور الابن على ابيه فتعلق بشعره وقتله أيوب، ما أرهب حكم الله ان ابشالوم أحب شعره اكثر من كل شيء فتحول حبلا علق به، وأوشك أيوب البر أن يفرط في حب أبنائه السبعة وبناته الثلاث فدفعه الله الى يد الشيطان فلم يأخذ منه أبناءه وثروته في يوم واحد فقط بل ضربه أيضا بداء عضال حتى كانت الديدان تخرج من جسده مدة سبع سنين، وأحب أبونا يعقوب ابنه يوسف أكثر من أبنائه الآخرين لذلك قضى الله ببيعه وجعل يعقوب يخدع من هؤلاء الأبناء أنفسهم حتى أنه صدّق أن الوحش افترس ابنه فلبث عشر سنوات نائحا. الفصل المئة لعمر الله أيها الاخوان اني أخشى أن يغضب الله عليّ، لذلك وجب عليكم أن تسيروا في اليهودية واسرائيل مبشرين بالحق أسباط اسرائيل الاثني عشر حتى ينكشف الخداع عنهم، فأجاب التلاميذ خائفين باكين: اننا لفاعلون كل ما تأمرنا به، فقال حينئذ يسوع: لنصل ولنصم ثلاثة أيام ومن الآن فصاعدا لنصل لله ثلاث مرات متى لاح النجم الاول كل ليلة اذ نؤدي الصلاة لله طالبين منه الرحمة ثلاث مرات لأني خطيئة اسرائيل تزيد على الخطايا الاخرى ثلاثة أضعاف، أجاب التلاميذ: ليكن كذلك، فلما انتهى اليوم الثالث دعا يسوع في صباح اليوم الرابع كل التلاميذ والرسل وقال لهم: يكفي أن يمكث معي برنابا ويوحنا، أما أنتم فجوبوا بلاد السامرة واليهودية واسرائيل كلها مبشرين بالتوبة لأني الفأس موضوعة على مقرب من الشجرة لتقطعها، وصلوا على المرضى لأني الله قد سلطني على كل مرض، حينئذ قال من يكتب: يا معلم اذا سئل تلاميذك عن الطريقة التي يجب بها اظهار التوبة فبماذا يجيبون؟، أجاب يسوع: اذا أضاع رجل كيسا أيدير عينيه ليراه أو يده ليأخذه أو لسانه ليسأل فقط؟ كلا ثم كلا يلتفت بكل جسمه ويستعمل كل قوة في نفسه ليجده، أصحيح هذا؟ ، فأجاب الذي يكتب: انه لصحيح كل الصحة. الفصل الواحد بعد المئة ثم قال يسوع ان التوبة عكس الحياة الشريرة لأنه يجب أن تنقلب كل حاسة الى عكس ما صنعت وهي ترتكب الخطية، فيجب النواح عوضا عن المسرة، والبكاء عوضا عن الضحك، والصوم عوضا عن البطر، والسهر عوضا عن النوم، والعمل عوضا عن البطالة، والعفة عوضا عن الشهوة، وليتحول الفضول الى صلاة والجشع الى تصدق، حينئذ أجاب الذي يكتب: ولكن لو سئلوا كيف يجب أن ننوح وكيف يجب أن نبكي وكيف يجب أن نصوم وكيف يجب أن ننشط وكيف يجب أن نبقى أعفاء وكيف يجب أن نصلى ونتصدق فأي جواب يعطون؟ وكيف يحسنون القيام بالعقوبة البدنية اذا لم يعرفوا كيف يتوبون؟، أجاب يسوع: لقد أحسنت السؤال يا برنابا وأريد أن أجيب على كل ذلك بالتفصيل ان شاء الله، أما اليوم فانى اكلمك في التوبة على وجه عام وما أقوله لواحد أقوله للجميع، فاعلم اذا أن التوبة يجب أن تفعل أكثر من كل شيء لمجرد محبة الله والا كانت عبثا، واني اكلمكم بالتمثيل ، كل بناء اذا أزيل أساسه تساقط خرابا أصحيح هذا؟، فأجاب التلاميذ: انه لصحيح، فقال حينئذ يسوع: ان أساس خلاصنا هو الله الذي لا خلاص بدونه، فلما أخطأ الإنسان خسر أساس خلاصه، لذلك وجب الابتداء بالاساس، قولوا لي اذا استأتم من عبيدكم وعلمتم أنهم لم يحزنوا لانهم أغاظوكم بل حزنوا لانهم خسروا جزاءهم أتغفرون لهم؟، لا البتة، اني أقول لكم أن الله هكذا يفعل بالذين يتوبون لانهم خسروا الجنة، ان الشيطان عدو كل صلاح لنادم شديد الندم لأنه خسر الجنة وربح الجحيم، ومع ذلك لأني يجد رحمة، فهل تعلمون لماذا؟ لأنه ليس عنده مجد لله بل يبغض خالقه. الفصل الثاني بعد المئة الحق أقول لكم أن كل حيوان مفطور على الحزن لفقد ما يشتهي من الطيبات، لذلك وجب على الخاطئ النادم ندامة صادقة أن يرغب كل الرغبة في أن يقتص من نفسه لما صنع عاصيا لخالقه، حتى أنه متى صلى لا يجسر أن يرجو الجنة من الله أو أن يعتقه من الجحيم، بل أن يسجد لله مضطرب الفكر ويقول في صلاته: أنظر يا رب الى الاثيم الذي أغضبك بدون أدنى سبب في الوقت الذي كان يجب عليه أن يخدمك فيه، لذلك يطلب الآن أن تقتص منه لما فعله بيدك لا بيد الشيطان عدوك، حتى لا يشمت الفجار بمخلوقاتك، أدب واقتص كما تريد يا رب لانك لا تعذبني كما يستحق هذا الاثيم، فاذا جرى الخاطي على هذا الاسلوب وجد أن رحمة الله تزيد على نسبه العدل الذي يطلبه، حقا ان ضحك الخاطئ دنس مكروه حتى انه يصدق على هذا العالم ما قال أبونا داود من انه وادي الدموع، كان ملك تبنى أحد عبيده وجعله سيدا على كل ما يملكه، فحدث بسعاية ماكر خبيث أن وقع هذا التعيس تحت غضب الملك، فأصابه شقاء عظيم لا في مقتنياته فقط بل احتقر وانتزع منه ما كان يربحه كل يوم من العمل، أتظنون أن مثل هذا الرجل يضحك مرة ما؟، فأجاب التلاميذ: لا البتة لأنه لو عرف الملك بذلك لامر بقتله اذ يرى أنه يضحك من غضبه، ولكن الارجح أنه يبكي نهارا وليلا، ثم بكى يسوع قائلا: ويل للعالم لأنه سيحل به عذاب أبدي، ما أتعسك أيها الجنس البشري، فان الله قد اختارك ابنا واهبا اياك الجنة، ولكنك أيها التعيس سقطت تحت غضب الله بعمل الشيطان وطردت من الجنة وحكم عليك بالاقامة في العالم النجس حيث تنال كل شيء بكدح وكل عمل صالح لك يحبط بتوالي ارتكاب الخطايا، وإنما العالم يضحك والذي هو شر من ذلك أن الخاطئ الاكبر يضحك أكثر من غيره، فسيكون كما قلتم : ( إن الله يحكم بالموت الأبدي على الخاطئ الذي يضحك لخطاياه ولا يبكي عليها ) . الفصل الثالث بعد المئة ان بكاء الخاطئ يجب أن يكون كبكاء أب على ابن مشرف على الموت، ما أعظم جنون الإنسان الذي يبكي على الجسد الذي فارقته النفس ولا يبكي على النفس التي فارقتها رحمة الله بسبب الخطيئة، قولوا لي اذا قدر النوتى الذي كسرت العاصفة سفينته على أن يسترد بالبكاء كل ما خسر فماذا يفعل؟، من المؤكد أنه يبكي بمرارة، ولكن أقول لكم حقا أن الإنسان يخطئ في البكاء على أي شيء الا على خطيئته فقط ، لأني كل شقاء يحل بالإنسان إنما يحل به من الله لخلاصه حتى أنه يجب عليه أن يتهلل له ، ولكن الخطيئة إنما تأتي من الشيطان للعنة الإنسان ولا يحزن الإنسان عليها، حقا انكم لا تدركون أن الإنسان إنما يطلب هنا خسارة لا ربحا، قال برتولوماوس: يا سيد ماذا يجب أن يفعل من لا يقدر أن يبكي لأني قلبه غريب من البكاء؟، أجاب يسوع: ليس كل من يسكب العبرات بباك يا برتولوماوس، لعمر الله يوجد قوم لم تسقط من عيونهم عبرة قط بكوا أكثر من ألف من الذين يسكبون العبرات، ان بكاء الخاطئ هو احتراق هواه العالمي بشدة الاسى، وكما أن نور الشمس يقي ما هو موضوع في الاعلى من التعفن هكذا يقي هذا الاحتراق النفس من الخطيئة، فلو وهب الله النادم الصادق دموعا قدر ما في البحر من ماء لتمنى أكثر من ذلك بكثير، ويفني هذا التمني تلك القطرة الصغيرة التي يود أن يسكبها كما يفني الاتون الملتهب قطرة من ماء، أما الذين يفيضون بكاء بسهولة فكالفرس الذي تزيد سرعة عدوه كلما خف حمله. الفصل الرابع بعد المئة انه ليوجد قوم يجمعون بين الهوى الداخلي والعبرات الخارجية، لكن من على هذه الشاكلة يكون كأرميا، ففي البكاء يزن الله الحزن أكثر مما يزن العبرات، فقال حينئذ يوحنا: يا معلم كيف يخسر الإنسان في البكاء على غير الخطيئة؟، أجاب يسوع: اذا أعطاك هيرودس رداءا لتحفظه له ثم أخذه بعد ذلك منك أيكون لك باعث على البكاء؟ فقال يوحنا: لا، فقال يسوع: اذا يكون باعث الإنسان على البكاء أقل من هذا اذا خسر شيئا أو فاته ما يريد لأني كل شيء يأتي من يد الله، أليس لله اذن قدرة على التصرف بأشيائه حسبما يريد أيها الغبي؟ أما أنت فليس لك من ملك سوى الخطيئة فقط فعليها يجب أن تبكي لا على شيء آخر، قال متى: يا معلم انك لقد اعترفت أمام اليهودية كلها بأن ليس لله من شبه كالبشر وقلت الآن ان الإنسان ينال من يد الله فاذا كان لله يدان فله اذا شبه بالبشر، أجاب يسوع: انك لفي ضلال يا متى ولقد ضل كثيرون هكذا اذ لم يفقهوا معنى الكلام، لأنه لا يجب على الإنسان أن يلاحظ ظاهر الكلام بل معناه اذ الكلام البشري بمثابة ترجمان بيننا وبين الله، ألا تعلم أنه لما أراد الله أن يكلم آباءنا على جبل سيناء صرخ آباؤنا: ((كلمنا أنت يا موسى ولا يكلمنا الله لئلا نموت)) وماذا قال الله على لسان أشعيا النبي: (( أليس كما بعدت السموات عن الأرض هكذا بعدت طرق الله عن طرق الناس و أفكار الله عن أفكار الناس؟ )). الفصل الخامس بعد المئة ان الله لا يدركه قياس الى حد اني أرتجف من وصفه، ولكن يجب أن أذكر لكم قضية، فأقول لكم اذا أن السموات تسع وانها بعضها يبعد عن بعض كما تبعد السماء الاولى عن الأرض التي تبعد عن الأرض سفر خمس مئة سنة، وعليه فان الأرض تبعد عن أعلى سماء مسيرة أربعة آلف وخمس مئة سنة، فبناءا على ذلك أقول لكم أنها بالنسبة الى السماء الاولى كرأس ابرة، ومثلها السماء الاولى بالنسبة الى الثانية وعلى هذا النمط كل السموات الواحدة منها أسفل مما يليها، ولكن كل حجم الأرض مع حجم كل السموات بالنسبة الى الجنة كنقطة بل كحبة رمل أليست هذه العظمة مما لا يقاس؟، فأجاب التلاميذ: بلى بلى ، حينئذ قال يسوع: لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته أن الكون أمام الله لصغير كحبة رمل، والله أعظم من ذلك بمقدار ما يلزم من حبوب الرمل لملء كل السموات والجنة بل أكثر، فانظروا الآن اذا كان هناك نسبة بين الله والإنسان الذي ليس سوى كتلة صغيرة من طين واقفة على الأرض، فانتبهوا اذا لتأخذوا المعنى لا مجرد الكلام اذا إرادة أن تنالوا الحياة الابدية، فأجاب التلاميذ: ان الله وحده يقدر أن يعرف نفسه وانه حقا لكما قال أشعيا النبي: (( هو محتجب عن الحواس البشرية ))، أجاب يسوع: ان هذا لهو الحق لذلك سنعرف الله متى صرنا في الجنة كما يعرف هنا البحر من قطرة ماء مالح، واني أعود الى حديثي فأقول لكم أنه يجب على الإنسان أن يبكي على الخطيئة فقط لأنه بالخطيئة يترك الإنسان خالقه، ولكن كيف يبكي من يحضر مجالس الطرب والولائم، انه يبكي كما يعطي الثلج نارا!، فعليكم أن تحولوا مجالس الطرب الى صوم اذا أحببتم أن يكون لكم سلطة على حواسكم لأني سلطة إلهنا هكذا ، فقال تداوس : إذا يكون لله حاسة يمكن التسلط عليها؟، أجاب يسوع: أتعودون اذا للقول بأن لله هذا وان الله هكذا؟، قولوا لي أللإنسان حاسة؟، أجاب التلاميذ: نعم، فأجاب يسوع: أيمكن أن يوجد إنسان فيه حياة ولا تعمل فيه حاسة؟، أجاب التلاميذ: لا، قال يسوع: انكم تخدعون أنفسكم فأين حاسة من كان أعمى أو أطرش أو أخرس أو أبتر والإنسان حين يكون في غيبوبة؟، فتحير حينئذ التلاميذ، أما يسوع فقال: يتألف الإنسان من ثلاثة أشياء أي النفس والحس والجسد كل منها مستقل بذاته، ولقد خلق إلهنا النفس والجسد كما سمعتم ، ولكنكم لم تسمعوا حتى الآن كيف خلق الحس، لذلك أقول لكم كل شيء غدا ان شاء الله، ولما قال يسوع هذا شكر الله وصلى لخلاص شعبنا وكل منا يقول: آمين. الفصل السادس بعد المئة فلما فرع يسوع من صلاة الفجر جلس تحت شجرة نخل فاقترب تلاميذه اليه هناك، حينئذ قال يسوع: لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته ان كثيرين مخدوعون في شأن حياتنا، لأني النفس والحس مرتبطان معا ارتباطا محكما حتى أن أكثر الناس يثبتون أن النفس والحس إنما هما شيء واحد فارقين بينهما بالعمل لا بالجوهر ويسمونها بالنفس الحاسة والنباتية والعقلية، ولكن الحق أقول لكم أن النفس هي شيء حي مفكر، ما أشد غباوتهم فأين يجدون النفس العقلية بدون حياة؟، لأني يجدوها أبدا، ولن يسهل وجود الحياة بدون حس كما يشاهد في من وقع في غيبوبة متى فارقه الحس، أجاب تداوس: يا معلم متى فارق الحس الحياة فلا يكون للإنسان حياة، أجاب يسوع: ان هذا ليس بصحيح لأني الإنسان إنما يفقد الحياة متى فارقته النفس لأني النفس لا ترجع إلى الجسد إلا بآية ، ولكن الحس يذهب بسبب الخوف الذي يعرض له أو بسبب الغم الشديد الذي يعرض للنفس، لأني الله خلق الحس لاجل الملذة ولا يعيش الا بها كما أن الجسد يعيش بالطعام والنفس تعيش بالعلم والحب، فهذا(الحس) يخالف النفس بسبب الغيظ الذي يلم به لحرمانه من ملذة الجنة بسبب الخطيئة، لذلك وجب أشد الوجوب وآكده على من لا يريد تغذيته بالملذات الجسدية أن يغذيه بالملذة الروحية، أتفهمون؟، الحق أقول لكم أن الله لما خلقه حكم عليه بالجحيم والثلج والجليد اللذين لا يطاقان، لأنه قال أنه هو الله، ولكن لما حرمه من التغذية وأخذ طعامه منه أقر أنه عبد الله وعمل يديه، والآن قولوا لي كيف يعمل الحس في الفجار؟، حقا انه لهم بمثابة الله لانهم يتبعون الحس معرضين عن العقل وعن شريعة الله، فيصيرون مكروهين ((منبوذين)) ولا يعملون صالحا. الفصل السابع بعد المئة وهكذا فان أول شيء يتبع الحزن على الخطيئة الصوم، لأني من يرى أن نوعا من الطعام أمرضه حتى خشي الموت فانه بعد أن يحزن على أكله يعرض عنه حتى لا يمرض، فهكذا يجب على الخاطئ أن يفعل، فمتى رأى ان اللذة جعلته يخطئ الى الله خالقه باتباعه الحس في طيبات العالم هذه فليحزن لأنه فعل هكذا، لأني هذا يحرمه من الله حياته ويعطيه موت الجحيم الابدي، ولكن لما كان الإنسان محتاجا وهو عائش الى مناولة طيبات العالم هذه وجب عليه هنا الصوم فليأخذ اذا في اماتة الحس وأن يعرف الله سيدا له، ومتى رأى أن الحس يمقت الصوم فليضع قبالته حال الجحيم حيث لا لذة على الاطلاق بل الواقع في حزن متناه، ليضع قبالته مسرات الجنة التي هي عظيمة بحيث أن حبة من ملاذ الجنة لاعظم من ملاذ العالم بأسرها، فبهذا يسهل تسكينه، لأني القناعة بالقليل لنيل الكثير لخير من اطلاق العنان في القليل مع الحرمان من كل شيء والمقام في العذاب، وعليكم أن تذكروا الغنى صاحب الولائم لكي تصوموا جيدا، لأنه لما أراد هنا على الأرض أن يتنعم كل يوم حرم الى الابد من قطرة واحدة من الماء بينا أن لعازر اذ قنع بالفتات هنا على الأرض سيعيش الى الابد في بحبوحة من ملاذ الجنة، ولكن ليكن التائب متيقظا، لأني الشيطان يحاول أن يبطل كل عمل صالح ويخص عمل التائب أكثر مما سواه، لأني التائب قد عصاه وانقلب عليه عدوا عنيدا بعد أن كان عبدا أمينا، فلذلك يحاول الشيطان أن يحمله على عدم الصوم في حال من الاحوال بشبهة المرض فاذا لم يغن هذا أغراه بالغلو في الصوم حتى ينتابه مرض فيعيش بعد ذلك متنعماً، فإذا لم يفلح في هذا حاول أن يجعله يقصر صومه على ترك الطعام الجسدي حتى يكون مثله لا يأكل شيئاً ولكنه يرتكب الخطيئة على الدوام، لعمر الله انه لممقوت أن يحرم المرء الجسد من الطعام ويملأ النفس كبرياء محتقرا الذين لا يصومون وحاسبا نفسه أفضل منهم، قولوا لي أيفاخر المريض بطعام الحمية الذي فرضه عليه الطبيب ويدعو الذين لا يقتصرون على طعام الحمية مجانين؟، لا البتة، بل يحزن للمرض الذي اضطر بسببه الى الاقتصار على طعام الحمية، انني أقول لكم أنه لا يجب على التائب أن يفاخر بصومه ويحتقر الذين لا يصومون، بل يجب عليه أن يحزن للخطيئة التي يصوم لاجلها، ولا يجب على التائب الذي يصوم أن يتناول طعاما شهيا بل يقتصر على الطعام الخشن، أفيعطى الإنسان طعاما شهيا للكلب الذي يعض وللفرس الذي يرفس؟ لا البتة بل الامر بالعكس، وليكن هذا كفاية لكم في شأن الصوم. الفصل الثامن بعد المئة أصيخوا السمع اذا لما سأقوله لكم بشأن السهر ، انه لما كان قسمين أي نوم للجسد ونوم النفس وجب عليكم أن تحذروا في السهر كي لا تنام النفس والجسد ساهـر ، ان هذا يكون خطأ فاحشا جـدا ، ما قولكم في هذا المثل (( بينما كان إنسان ماشيا اصطدم بصخر فلكي يتجنب أن تصدم به رجله أكثر من ذلك صدمه برأسه، فما هو حال رجل كهذا ؟ )) ، أجاب التلاميذ : انه تعيس فان رجلا كهذا مصاب بالجنون، فقال حينئذ يسوع: حسنا أجبتم فاني أقول لكم حقا ان من يسهر بالجسد وينام بالنفس لمصاب بالجنون، وكما أن المرض الروحي أشد خطرا من الجسدي فشفاؤه أشد صعوبة، أفيفاخر اذا تعيس كهذا بعدم النوم بالجسد الذي هو رجل الحياة بينا هو لا يرى شقاءه في أنه ينام بالنفس التي هي رأس الحياة؟، ان النوم هو نسيان الله ودينونته الرهيبة، فالنفس التي تسهر إنما هي التي ترى الله في كل شيء وفي كل مكان وتشكر جلالته في كل شيء وعلى كل شيء وفوق كل شيء عالمة أنها دائما في كل دقيقة تنال نعمة ورحمة من الله، فمن يرن دائما في أذنها خشية من جلالته ذلك القول الملكي : (( تعالي أيتها المخلوقات للدينونة لأني إلهك يريد أن يدينك )) ، فانها تلبث على الدوام في خدمة الله ، قولوا لي أتفضلون أن تروا بنور نجم أو بنور الشمس؟، أجاب اندراوس : بنور الشمس لا بنور النجم، بنور النجم لا نقدر أن نبصر الجبال المجاورة وبنور الشمس نبصر أصغر حبوب الرمل، لذلك نسير بخوف على نور النجم ولكنا بنور الشمس نسير باطمئنان. الفصل التاسع بعد المئة أجاب يسوع: انني أقول لكم هكذا يجب عليكم أن تسهروا بالنفس بشمس العدل التي هي إلهنا ولا تفاخروا بسهر الجسد، وصحيح كل الصحة انه يجب تجنب الرقاد الجسدي جهد الطاقة، الا أن منعه البتة محال لأني الحس والجسد مثقلان بالطعام والعقل بالمشاغل، لذلك يجب على من يريد أن يرقد قليلا أن يتجنب فرط المشاغل وكثرة الطعام، لعمر الله الذي في حضرته تقف نفسي أنه يجوز الرقاد قليلا كل ليلة الا أنه لا يجوز أبدا الغفلة عن الله ودينونته الرهيبة وما رقاد النفس الا هذه الغفلة، حينئذ أجاب من يكتب: يا معلم كيف يمكن لأني أن نتذكر الله على الدوام؟ انه ليلوح لأني أن هذا محال، فقال يسوع متنهدا: ان هذا لاعظم شقاء يكابده الإنسان يا برنابا لأني الإنسان لا يقدر هنا على الأرض أن يذكر الله خالقه على الدوام، الا الأطهار فانهم يذكرون الله على الدوام لأني فيهم نور نعمة الله حتى لا يقدرون أن ينسوا الله، ولكن قولوا لي أرأيتم الذين يشتغلون بالحجارة المستخرجة من المقالع كيف تعودوا بالتمرن المستمر أن يضربوا حتى أنهم يتكالمون وهم طول الوقت يضربون بالآلة الحديدية في الحجر دون أن ينظروا اليها ومع ذلك لا يصيبون أيديهم؟، فافعلوا اذا أنتم كذلك، ارغبوا في أن تكونوا أطهارا اذا أحببتم أن تتغلبوا تماما على شقاء الغفلة، ومن المؤكد أن الماء يشق أقوى الصخور بقطرة واحدة يتكرر وقوعها عليها زمنا طويلا، أتعلمون لماذا لم تتغلبوا على هذا الشقاء؟، لانكم لم تدركوا أنه خطيئة، لذلك أقول لكم أن من الخطأ أيها الإنسان أن يهبك أمير هبة فتغمض عنه عينيك وتوليه ظهرك، هكذا يخطئ الذين يغفلون عن الله، لأني الإنسان ينال كل حين هبات ونعمة من الله. الفصل العاشر بعد المئة الا فقولوا لي ألا ينعم الله عليكم كل حين؟، بلى حقا فانه يجود عليكم دوما بالنفس الذي به تحيون، الحق الحق أقول لكم أنه يجب على قلبكم أن يقول كلما تنفس جسدكم: (( الحمد لله ))، حينئذ قال يوحنا: ان ما تقوله لهو الحق يا معلم فعلمنا الطريق لبلوغ هذه الحال السعيدة، أجاب يسوع: الحق أقول لك أنه لا يتاح لاحد بلوغ هذه الحال بقوى بشرية بل برحمة الله ربنا، ومن المؤكد أنه يجب على الإنسان أن يشتهي الصالح ليهبه الله اياه، قولوا لي أتأخذون وانتم على المائدة اللحوم التي تأنفون من النظر اليها؟، لا البتة كذلك أقول لكم أنكم لا تنالون ما لا تشتهون، ان الله لقادر اذا اشتهيتم الطهارة أن يجعلكم طاهرين في أقل من طرفة عين، ولكن إلهنا يريد أن ننتظر ونطلب لكي يشعر الإنسان بالهبة والواهب، أرأيتم الذين يتمرنون على رمي هدف؟، حقا انهم ليرمون مرارا متعددة عبثا، وكيفما كانت الحال فهم لا يرغبون مطلقا أن يرموا عبثا ولكنهم يؤملون دوما أن يصيبوا الهدف، فافعلوا هكذا أنتم الذين تشتهون دوما أن تذكروا الله، ومتى غفلتم فنوحوا لأني الله سيهبكم نعمة لتبلغوا كل ما قد قلته، ان الصوم والسهر الروحي متلازمان حتى اذا أبطل أحد السهر بطل الصوم توا، لأني الإنسان بارتكاب الخطيئة يبطل صوم النفس ويغفل عن الله، وهكذا فان السهر والصوم من حيث النفس لازمان دوما لأني لسائر الناس، لأنه لا يجوز لاحد أن يخطئ، أما صوم الجسد وسهره فصدقوني أنهما غير ممكنين في كل حين ولا لكل شخص، لأنه يوجد مرضى وشيوخ وحبالى وقوم مقصورون على طعام الحمية وأطفال وغيرهم من أصحاب البنية الضعيفة، وكما أن كل أحد يلبس بحسب قياسه الخاص هكذا يجب عليه أن يختار صومه، لأنه كما أن أثواب الطفل لا تصلح لرجل ابن ثلاثين سنة هكذا لا يصلح صوم أحد وسهره لاخر. | |
|